115قصيدة الموت ارتبك | الرادود باسم الكربلائي

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

الدُّعَاءُ


 الدُّعَاءُ

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره وسبباً للمزيد من فضله ، ودليلاً على آلائه وعظمته ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريّته محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الأئمّة الهداة المهديين. وبعد : فإنّ الله سبحانه وتعالي من وفور كرمه علّم الدعاء وندب إليه ، وألهم السؤال وحثّ عليه ، ورغّب في معاملته والإقدام عليه ، وجعل في مناجاته سبب النجاة ، وفي سؤال مقاليد العطايا ومفاتيح الهبات ، وجعل لإجابة الدعاء أسبابباً من خصوصيّات الدعوات ، وأصناف الداعين والحالات ، والأمكنة والأوقات.
تعريف الدعاء
الدعاء لغة : النداء والاستدعاء ، تقول : دعوت فلاناً إذا ناديته وصحت به.
واصطلاحاً : طلب الأدني للفعل من الأعلي علي جهة الخضوع والإستكانة.
في الحثّ علي الدعاء
ويبعث عليه العقل والنقل ؛ أمّا العقل :
فلأنّ دفع الضرر عن النفس مع القدرة عليه والتمكّن منه واجب ، وحصول الضرر ضروريّ الوقوع لكلّ إنسان في دار الدنيا ، كيف لا وهي في دار الجوادث التي لا تستقرّ علي حال ، فضررها إمّا حاصل واقع أو متوقّع الحصول ، وكلاهما يجب إزالته مع القدرة عليه ، والدعاء محصّل لذلك وهو مقدور فيجب المصير إليه.
وقد نبّه أمير المؤمنين عليه‌السلام علي هذا المعني حيث قال : «ما مِن أحدٍ ابتلي وإن عظمت بلواه بأحقِّ بالدعاء من المعافي الذي لا يأمن البلاء» (1).
فكلّ إنسان يحتاج إلي الدعاء معافيِّ ومبتليِّ ، وفائدته دفع البلاء الحاصل ودفع السوء النازل ، أو جلب نفع مقصود أو تقرير خير موجود ، ودوامه ومنعه من الزوال ، لأنهم عليهم‌السلام وصفوه بكونه سلاحاً ، والسلاح ممّا يستجلب به لانفع ويستدفع به الضرر ، وسمّوه أيضاً تُرساً ، والترس جُنّة يتوقّي بها المكاره.
قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألا أدلّكم علي سلاحٍ ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟ قالوا : بلي ، قال :
_________________
1 ـ من لا يحضره الفقيه 4/399 ح 5857 ؛ وعدّة الداعي : 23.

تدعون ربّكم بالليل والنهار ، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء» (1).
وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الدعاء تُرس المؤمن ، ومتي تُكثر قرع الباب يُفتح لك» (2).
وقال الصادق عليه‌السلام : «الدعاء أنفذ من السنان الحديد» (3).
وقال الكاظم عليه‌السلام : «إنّ الدعاء يردّ ما قدّر ومالم يقدّر ، قال : قلت : ما قدّر عرفته ، فما لم يقدّر؟ قال : حتّي لا يكون» (4).
وقال عيله السلام «عليكم بالدعاء فأنّ الدّعا والطلب إلي الله تعالي يردّ البلاء ، وقد قُدَّر وقضي فلم يبق إلّا إمضاؤه ، فإذا دعي الله وسئل صرف البلاء صَرَفَه» (5).
وعن الباقر عليه‌السلام : «الدّعا يدفع البلاء النازل وما لم ينزل» (6).
وأمّا انقل : فمن الكتاب :
قوله تعالي : (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ) (7).
وقوله تعالي : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (8).
فجعل الدعاء عبادة والمستكبر عنه بمنزلة الكافر.
وقوله تعالي : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (9).
ومن السنّة :
قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الدعاءُ مخّ العبادة» (10).
وروي حنّان بن سدير عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أيّ العبادة أفضل؟ فقال : «ما من شيء أفضل عند الله عزّوجلّ من أن يسأل ويطلب ما عنده ، وما أحد أبغض إلى الله ممّن يستكبر عن عبادته ولا يسئل ما عنده» (11).
قال الصادق عليه‌السلام : «عليكم بالدعاء ، فإنّه شفاء من كلّ داء ، وإذا دعوت فَظنَّ حاجتك بالباب» (12).
وقال عليه‌السلام : «من تمنّي شيئاً وهو لله عزّوجلّ رضاً لم يخرج من الدنيا حتّى يُطاه» (13).
__________________
1 ـ الكافي 2 / 468 ح 3 ؛ ثواب الأعمال : 45 ؛ عدّة الداعي : 24.
2 ـ الكافي 2 / 468 ح 4 ؛ عدّة الداعي : 24. 3 ـ الكافي 2 / 469 ح ؛ عدّة الداعي : 24.
4 ـ الكافي 2 / 469 ح 2 ؛ عدّة الداعي : 24. 5 ـ الكافي 2 / 470 ح 8 ؛ عدّة الداعي : 24.
6 ـ الكافي 2 / 469 ح 5 ؛ عدّة الداعي : 25. 7 ـ الفرقان : 25 / 77.
8 ـ غافر : 40 / 60.
9 ـ البقرة : 2 / 186.
10 ـ بحار الأنوار 93 / 302 ح 93.
11 ـ الكافي 2 / 466 ح 2.
12 ـ الدعوات للرواندي : 18 ، ح 3.
13 ـ الخصال للصدوق : 4 ، ح 7.

وقال الباقر عليه‌السلام : «ولا تملَّ من الدعاء فإنّه من الله بمكان» (1).
وقال الصادق عيه السلام لميسّر بن عبد العزيز : «يا ميسّر ادع ولا تقل إنّ الأمر قد فرغ منه ، إنّ عندالله عزّوجلّ منزلةً لا تُنال إلاّ بمسألته ، ولو أنّ عبداً سدّ فاه ولم يُعط شيئاً فسل تُعطَ.
يا ميسّر إنّه ليس من باب يُقرع إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه» (2).
وقال عليه‌السلام لعمرو بن جميع : «من لم يسأل الله عزّوجلّ من فضله افتقر» (3).
وقال عليّ عليه‌السلام : «ما كان الله ليفتح باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة» (4).
وقال عليه‌السلام : «من أُعطي الدعاء لم يحرم الإجابة» (5).
وروي ابن القدّاح عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام «أحبّ الله الأعمال إلى الله في الأرض الدعاء ، وأفضل العبادة العفاف». قال : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلاً دعّاءً (6).
وروي هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «الدعاء كهف الإجابة كما أنّ السحاب كهف المطر» (7).
وروي أبو ولّاد قال : قال الحسن عليه‌السلام : «ما من بلاءٍ ينزل علي عبدٍ مؤمنٍ فيلهمه الله الدعاء إلّا كان كشف ذلك البلاء وشيكاً ، وما من بلاءٍ ينزل علي عبدٍ مؤمن فيمسك عن الدعاء إلّا كان ذلك البلاء طويلاً فإذا نزل البلاء فعليكم بالدعاء والتضرّع إلى الله عزّوجلّ» (8).
التعريف بالكتاب
لقد ألّف حول الدعاء العشرات من الكتب والطوامير قديماً وحديثاً من قبل الرواة والمحدّثين والفقهاء والمجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين.
أمّا كتابة «مفاتيح الجنان» فقد حوي علي أهمّ الصلوات ولأدعية والزيارت الواردة حسب اختلاف المناسبات ما يفي بالحاجات العامّة ، بعيداً عن الإيجاز المخلّ والإطناب المملّ ، وجهد مؤلّفنا المحدّث الخبير لمجانبة شوائب الدسّ والتحريف ، ولأخذ عن أهمّ المصادر والأصول المعتمدة عليها ، والمقابلة والتطبيق بين مختلف نسخ تلك الأصول ، فأصبح سفراً جليلاً ، وكتاباً متقناً معتمداً تقرّ به عيون العارفين ، وتطفأ به عطش الظامئين ، ولذلك تجده في أكثر بيوت المؤمنين من محبّي محمّد وآل بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
والمصادر التي اعتمد عليها المصنّف هي في الغالب من الكتب لدي شيعة أهل البيت عليهم‌السلام أمثال كتب الشيخ الطوسي ، والشيخ الصدوق ، والشيخ المفيد ، والسيد ابن طاووس ، والشيخ
__________________
1 ـ وسائل الشيعة 7 / 27 ح 8617. 2 ـ الكافي 2 / 466 ح 3.
3 ـ الكافي 2 / 467 ح 4. 4 ـ وسائل الشيعة 7 / 27 ح 8617.
5 ـ وسائل الشيعة 7 / 28 ح 8619. 6 ـ الكافي 2 / 467 ح 8.
7 ـ الكافي 2 / 471 ح 1. 8 ـ الكافي 2 / 471 ح 2.

الكليني ، والشيخ الكفعمي ، وابن فهد الحلّي ، والراوندي ، والطبرسي ، والمجلسي ، وغيرهم من أساطين العلم والفضل والكمال.
ترجمة المؤلف
هو الشيخ عباس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمي ، عالم محدّث ومؤرّخ فاضل.
ولد في قم في نيف وتسعين ومئتين وألف ، ونشأ علي حبّ العلم وأهله.
وتوفّي رحمة الله في النجف الأشرف بعد منتصف ليلة الثلاثاء 23 ذي الحجة سنة 1359 ودفن في الصحن الشريف.
وترك رحمة الله مجموعة متنوّعة قيّمة من الآثار في مختلف المواضيع والعلوم ، منها هذا الكتاب «مفاتيح الجنان» الذي طبع عشرات المرّات (1).
عملنا في التحقيق
اعتمدنا في تحقيق الكتاب علي أصحّ نسخ مفاتيح الجنان وهي النسخة المكتوبة بخطّ المرحوم طاهر خوشنويس التي كتبت في زمان حياة المؤلف في شوّال سنة 1359 أي قبل وفاة المؤلّف بشهرين ، وقابلنا نصوص الأدعية والزيارات والأذكار مع تلك النسخة ، وذكرنا في التعليقة النسخ المغايرة للنصّ الموجود فوق الكلمة المغايرة لها أو في هامش المفاتيح مع الإشارة الموجودة في النسخة المعتمد عليها مثل : ـ خ ـ أو نسخة أو كتب المجلسي أو نسخة المجلسي ، كما قابلناه أيضاً مع مصادر الأدعية والزيارات والأذكار ، والإشارة في التعليقات إلى محلّ الاختلاف أحياناً لو وجد. وأمّا الأحاديث وفضائل الأدعية والزيارات والأذكار والأحاديث الواردة في فضائل الأيّام والشهور ولأيّام المباركة فاعتمدنا علي مفاتيح الجنان المعرّب بتعريب سماحة السيّد محمّد رضا النوري وعلي المصادر التي اعتمد عليها المؤلّف وصرّح بها في المتن وقابلنا بينهما وأصلحنا ما كان مغايراً للمصدر وفقاً لذلك المصدر ، وفي المصادر التي لم يصّرح بها في المتن وقابلنا بينهما وأصلحنا ما كان مغايراً للمصدر وفقاً لذلك المصدر ، وفي المصادر التي لم يصرّح المؤلّف بها في الأحاديث ، ذكرنا أصل الحديث في المتن ، وإن كان الاختلاف كثيراً أشرنا إليه أو أرجعناه إلى المصدر بقولنا : «مع مغايرة» أو «مع إضافات».
وفي الختام لا يسعني إلّا أن أقدّم جزيل شكري إلى الأخ الوجيه الحاج محمّد تقي أنصاريان حفظه الله مدير مؤسّسة أنصاريان للنشر علي بذله لنا القرص الكومبيوتري من نسخة مفاتيح الجنان واستقدنا منه كثيراً فجزاه الله خير الجزاء.
علي آل كوثر
__________________
(1) طبقات أعلام الشيعة نقباء للبشر 2 / 998.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق